فَـ أهلاً بأهل الخير ، أهلاً بالنفوس الأبيَّة ، الآسية لما مضى ، الراغبة بالإصلاحِ والهُدى .
اليوم نُعانق السماء وإياكم ، نلتمسُ لنا نوراً
نستهدي بالله ، وبه نستعين ، نستحثُّ نفوسنا عزْماً وإصراراً
خجلاً مما أثقل خُطانا وعرقل مسيرها
فلنوقظ الضمير سويّةً ، قد حان لنفوسنا أن تأنس ويهنأ بالها
لنبدل الليل نهاراً ، ونوقد شعلة الإصباح
فلننفض القلب من غُبار الأمس ، ونُجهزه ليكون
( الحقيبــة الأولـى )
التي سنملؤها
لنطهِّره مما سلف ، ومما ارتكبناه في حقِّ أنفسنا
ها نحن نخوض غمار أولى جولاتنا ، مُتعطّشين لأكف حانية ، تشد من أزرنا
فهل من مُشمِّر ؟!
لِنفرغ حقائبنا - سويةً - من كل سوء ، حتى تتسع لخيرٍ قادم ، بهِ تحيا !
,‘
يتمنى الكثير منَّا أن يبدأ (صفحة جديدة) مع الله تعالى
يكون قوامها الطاعة ، والامتثال لأمره سبحانه
وأن تكون تلك الصفحة فارغة من كل ما يغضب الرب تعالى !
,‘
* فخطر الذنوب يكمن في كونها :
مُبعدة عن الله تعالى ، وعن رحمته ، مُقربة إلى سخطه والقرب من النار
وكلما استمر العبد في كسب الخطايا كلما ابتعد عن مولاه أكثر .
ولذلك جاءت النصوص الكثيرة تحذر من الذنوب
وتبين عقوباتها ، وما أصاب الأمم الماضية إلا بسبب ذنوبها
قال تعالى :
( فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ)
(سورة المائدة الآية49)
الفرصة أمامنا ، فماذا يمنعنا من ترك المعاصي ؟!
أوْصَى أحَدُ السَّلَفِ ابنَهُ فقالَ :
[ يابُنَيَّ، جَدِّدِ السفينةَ فإنَّ البحرَ عميقٌ، وأكْثرِ الزَّادَ فإنَّ السَّفَرَ بعيدٌ، وأحْسِنِ العَمَلَ فإنَّ الناقِدَ بصيرٌ ] .
يا ربّ إن عظمت ذنوبي كثرة * فلقد علمت بأنّ عفوك أعظم
إن كـــان لا يدعــوك إلاّ محســن * فمن الذي يرجو ويدعو المجرم
أدعوك ربّي كما أمرت تضرّعاً * فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم
مالي إليك وسيلة إلاّ الرجــــا * وجميل عفوك ثمّ إنّي مسلم
,‘
هُـــنَـــــــــــــــآ
( بعض الأمور المعينة على ترك المعاصي )
لابن قيم الجوزية - رحمه الله - :
1/ إجلال الله تبارك وتعالى أن يعصى وهو يرى ويسمع ومن قام بقلبه مشهد
إجلاله لم يطاوعه قلبه لذلك البتة .
2/ مشهد محبته سبحانه فيترك معصيته محبة له .
3/ مشهد النعمة والإحسان فإن الكريم لا يقابل بالإساءة من أحسن إليه ، فليمنعه مشهد
إحسان الله تعالى ونعمته عن معصيته حياء منه أن يكون خير الله وإنعامه نازلا اليه
ومخالفاته ومعاصيه صاعدة إلى ربه .
4/ مصارعة داعي الهوى ومقاومته على التدرج قليلا قليلا حتى يدرك لذة الظفر فتقوى
حينئذ همته ، فإن من ذاق لذة شئ قويت همته في تحصيله .
5/ كف الباطل عن حديث النفس واذا مرت به الخواطر نفاها ولا يؤويها ويساكنها ، فإنها
تصير أماني وهى رؤوس أموال المفاليس ، ومتى ساكن الخواطر صارت أماني ثم تقوى
فتصير هموما ثم تقوى فتصير إرادات ثم تقوى فتصير عزما يقترن به المراد فدفع الخاطر
الأول أسهل وأيسر من دفع أثر المقدور بعد وقوعه وترك معاودته .
6/ قطع العلائق والأسباب التى تدعوه إلى موافقة الهوى وليس المراد أن لا يكون له هوى ؛
بل المراد أن يصرف هواه إلى ما ينفعه ويستعمله في تنفيذ مراد الرب تعالى فإن ذلك
يدفع عنه شر استعماله في معاصيه .
7/ التفكر في الدنيا وسرعة زوالها وقرب انقضائها ، فلا يرضى لنفسه أن يتزود منها إلى
دار بقائه وخلوده ما هو أقل نفعاً .
,‘
للذنوب مُكفراتٌ كثيرة
سنجدها إن نحنُ أمعنا النظر في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومنها :
• إسباغ الوضوء :
قال صلى الله عليه وسلم : (( من توضأ فأحسن الوضوء ، خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره )) رواه مسلم
• ذكر الله عقب الفرائض :
قال صلى الله عليه وسلم : (( من سبح دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين ، وحمد ثلاثاً وثلاثين ، وكبر ثلاثاً وثلاثين فتلك
تسعة وتسعون ، ثم قال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، غفرت له
خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر )) رواه مسلم
• صيام رمضان إيماناً واحتساباً :
قال صلى الله عليه وسلم : (( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه )) رواه البخاري ومسلم
• قيام ليلة القدر إيماناً واحتساباً :
قال صلى الله عليه وسلم : (( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه )) رواه البخاري ومسلم
,‘
• قول سبحان الله وبحمده مائة مرة :
قال صلى الله عليه وسلم : (( من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل
زبد البحر )) رواه البخاري ومسلم
• إتباع السيئة الحسنة :
قال صلى الله عليه وسلم : (( وأتبع السيئة الحسنة تمحها )) رواه أحمد والحاكم
• كفارة المجلس :
قال صلى الله عليه وسلم : من جلس جلسة فكثر لغطه
فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك : (( سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت ، استغفرك وأتوب إليك ، إلا غفر
له ما كان في مجلسه ذلك )) رواه داود والترمذي.
,‘
فلنُسارع إلى مغفرةٍ من ربنا وجنَّةٍ عرضها السماوات والأرض
كونوا بصحبتنا في الغد ، مع الحقيبة الثانية بمشيئة الله =)